• اخبار محلية

    كيف طوّر الحوثيون تكتيكاتهم القتالية في البحر الأحمر.. تقرير مصري يكشف خفايا وأسرار العمليات الحوثية ضد السفن


    812 قراءه

    2024-04-20 02:10:22

    منذ بدء التصعيد الحوثي ضد السفن المارة عبر البحر الأحمر وتهديد حركة التجارة الدولية في أحد أهم ممرات المالحة الدولية على مستوى العالم، وأصبح من الواضح أن جماعة الحوثى طورت التكتيكات القتالية لها فى البحر الأحمر .

    وعلى الرغم من أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر بالتزامن مع حرب غزة، لم يكن الأول وأن الجماعة تمتلك خبرة قتالية جيدة لتنفيذ هذا النمط من الهجمات في منطقة ذات أهمية جيو ستراتيجية بالغة مثل ممر البحر الأحمر، إلا أن لجوء جماعة الحوثي لتوجيه ضرباتها للسفن المارة عبر البحر الأحمر يعد في حد ذاته تكتيكا جديدا للجماعة عقب إخفاقها في توجيه ضربات ناجحة داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة.

    التصعيد في البحر الأحمر وسلاح الغواصات

    لقد مر التصعيد في البحر الأحمر بمرحلتين، وفق ما رصدت دراسة أصدرها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية ، موضحا أن المرحلة الأولى بدأت مع تصريح زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي في 16 نوفمبر 2023 قائلا: "إن عيون الجماعة مفتوحة لرصد أي سفن تعود ملكيتها أو ُتشغلها شركات إسرائيلية تمر في البحر الأحمر.

    وبالفعل في 19 نوفمبر 2023 هبطت مجموعة من الحوثيين عبر طائرة هليكوبتر، على متن حاملة المركبات "جلاكسي ليدر" المملوكة للملياردير الإسرائيلي أبراهام أونجر و تديرها اليابان، واختطفتها وقادتها إلى قبالة الساحل اليمني، والتي تبعها تعدد السفن الإسرائيلية المستهدفة، إلى أن وسعت الجماعة الأهداف لتشمل كل السفن المتجهة إلى إسرائيل، ثم اتسع ليشمل السفن المارة عبر البحر الأحمر، بما في ذلك استهداف الأصول العسكرية الأمريكية المتمركزة في البحر الأحمر .

    وتواصل الدراسة الصادرة عن المركز رصد هجمات الحوثى ضد السفن، موضحة أن تنفيذ جماعة الحوثي هجمات مزدوجة على السفن المارة عبر البحر الأحمر في ديسمبر 2023 ، تتمثل في تنفيذ ضربات عبر صواريخ أو درونز، بالتوازي مع تنفيذ عمليات قرصنة تتمثل في محاولة اختطاف السفن، تبعها استخدام الجماعة الزوارق غير المأهولة Unmanned Vehicles Underwater في تنفيذ عملياتها في فبراير الماضى ، ومع استمرار التصعيد والمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، أعلن عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثيين في اليمن في فبراير الماضى أن العمليات البحرية التي ينفذها الحوثى تطورت كما ونوعا وتم تفعيل الصواريخ والطائرات المسيرة والقوارب العسكرية، وتم إدخال سلاح الغواصات في تلك العمليات وهو يمثل تهديدا خطيرا لإسرائيل لأنه يعطل أنظمة دفاع السفن وتنفيذ هجوم متعدد الجوانب يسمى هجوم السرب.

    وتقول الدراسة إنه في تحٍد للقوى الغربية مع استعراض القدرات الاستخباراتية للجماعة، أعلن الحوثي أن جماعته حققت إنجاًزا معلوماتًيا فاجأ أعداءهم بالحصول على معلومات حول هوية مالكي السفن وتبعيتها ووجهتها، متحدًيا الولايات المتحدة أن تثبت أن السفن المستهدفة ليست بالتصنيف المعلن عنه وأنها لا تتبع الأمريكيين أو البريطانيين أو الإسرائيليين.

    كما يعد من أهم أحد المكاسب العسكرية التي حققتها الجماعة إثر ضرباتها المتكررة للسفن والمدمرات الأمريكية في البحر الأحمر، هو كشف جماعة الحوثي عن ثغرة دفاعية لدى القطع البحرية الامريكية والغربية في البحر الأحمر، وهي أنه عند لحظة إطلاق السفن الحربية للصواريخ تتعطل الوسائل الدفاعية الذاتية على متن هذه القطع وهو ما يجعلها هدًفا سهلا أمام الضربات الحوثية، خاصة مع تهديد الحوثيين بأن لديهم صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذلك على الرغم من أن تعطل وسائل الدفاع الذاتية في السفن الحربية يأتي في ظل ما توفره باقي السفن الحربية والزوارق المتمركزة في البحر ألحمر من تأمين وحماية.

    توسعة العمليات البحرية

    ولم يقف التصعيد الحوثي عند هذا الحد، بل أعلنت جماعة الحوثيين في 15 مارس، أنها ستوسع عملياتها العسكرية البحرية لتشمل السفن المارة عبر المحيط الهندي والمتجهة نحو رأس الرجاء الصالح في الجزء الجنوبي من قارة أفريقيا، وفق ما أعلن يحيي السريع المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة للحوثيين ومنذ بدء التصعيد في البحر الأحمر حتى أبريل الجارى بلغ عدد إجمالي الضربات الحوثية نحو 90 سفينة، بينما أسفرت الضربات الأمريكية والبريطانية لمواقع عسكرية حوثية عن مقتل 37 عنصًرا وإصابة 30 آخرين في 424 غارة جوية شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على مناطق سيطرة ميليشياته شمال اليمن خلال نحو 3 أشهر.

    المرحلة الثانية ..تكتيك أم تراجع!

    تشير الدراسة إلى ما شهدته الأيام القليلة الماضية وتحديًدا منذ أواخر مارس الماضى من تراجع فى ضربات الحوثى تجاه السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تراجًعا واضًحا، وهو ما وصفته الدراسة، بانه ثاني مراحل السياسة الحوثية من التصعيد، وهو ما تم رصده من خلال توقف بيانات المتحدث باسم جماعة الحوثي يحيى سريع لأكثر من أسبوع منذ استهداف ناقلة الغاز في البحر الأحمر في 19 مارس، إلى أن خرج سريع ببيان في 26 مارس أعلن فيه تبني 4 هجمات حوثية ضد سفن تجارية، وهجوم خامس ضد مدمرتين أمريكيتين خلال 72 ساعة، على الرغم مما أثير من شكوك بشأن تنفيذ هذه الهجمات؛ حيث لم ترصد هيئة التجارة البحرية البريطانية، وكذلك شركة أمبري البريطانية للأمن البحري والقيادة المركزية الأمريكية أي من هذه الهجمات، في حين رصدت التقارير هجوًما واحًدا حوثًيا على سفينة صينية زعمت الجماعة أنها بريطانية.

    بينما تمثل ثاني المؤشرات في تبني جماعة الحوثي تنفيذ نحو 6 هجمات ضد السفن التجارية والقطع البحرية الأمريكية المتمركزة في هذا الممر خلال النصف الأخير من شهر مارس، مقارنة بـ9هجمات خلال النصف الأول من شهر مارس، بل إنه من إجمالي نحو 90 سفينة تم استهدافها من قبل جماعة الحوثي حتى أبريل 2024 فإن هناك نحو 86 سفينة أمريكية وبريطانية وإسرائيلية تم استهدافها حتى منتصف مارس، أي أن عدد الضربات قد زاد بـ4 هجمات فقط على مدار أسبوعين.

    هجمات الحوثى على السفن

    وقد شهدت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر استخدام الحوثيين صواريخ كروز مضادة للسفن يتراوح مداها ما بين 80 – 300 كيلو متر، من بينها صواريخ صياد وسجيل، وصواريخ باليستية، أبرزها صاروخ "طوفان" الذي يمتد مداه من 1350 كيلو متًرا إلى نحو 1900 كيلو متر، وصواريخ باليستية "قدس2" و"قدس 3" و"قدس 4" ، يمتد مداها من 1350 كيلو متًرا إلى نحو 2000 كيلومتر، لكنها تحتاج معلومات استخباراتية ُمح ّدثة عن الأهداف عادة ما توفرها طائرات غير مأهولة أو القوارب غير المأهولة أو قوات طهران الداعم الرئيسي لجماعة الحوثي.

    وفي مارس الماضى أعلنت جماعة الحوثي عن تجربتهم صاروخ فرط صوتي تبلغ سرعته 8 ماخ (نحو 10آلاف كلم في الساعة)، يعمل بالوقود الصلب، وهو ما يعني إمكانية استهداف إسرائيل التي تبعد أكثر من 2000 ميل عن اليمن، خلال 10 دقائق فقط، مهددين بجاهزية استخدامه في الهجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، وتشكل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تحدًيا كبيًرا لأنظمة الدفاع الجوى لأنها تستطيع الإفلات من الرادارات مع تحليقها على أطوال موجية قصيرة وتحولها نحو مستويات أقل من موجات الرادار، بالإضافة إلى عدم القدرة على التنبؤ بمسارها.

    لذلك، لا توجد حالًيا أنظمة دفاع جوي يمكنها اعتراض هذه الصواريخ، ويشكك الغرب في امتلاك طهران- التي تعد الداعم الرئيسي للحوثي- هذا النمط من الصواريخ، وتمكنها من دخول سباق تسلح عالمي حول الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وهو ما يعني التشكيك في امتلاك جماعة الحوثي هذا النمط من الصواريخ.

    أما بالنسبة لمستودعات الصواريخ ومراكز الإطلاق، فعقب سيطرة الحوثيين على صنعاء، أعادت الجماعة تمركز مستودعات الصواريخ في صعدة وتوزيعها على عدة مراكز إطلاق ظهرت مؤخًرا مع إعلان الحوثيين توجيه ضربات إلى إسرائيل؛ حيث تعد مناطق الحديدة وحجة وصعدة والجوف وذمار وتعز والبيضاء وصنعاء من أهم مراكز إطلاق الصواريخ، بينما وردت معلومات بأن الحوثيين لجأوا إلى تخزين الصواريخ في مناطق تغطيها الأشجار وداخل الجبال وفي مستودعات بين التلال وعلى جزر وسواحل نائية.

    القدرات التسليحية للحوثى
    وسلطت الدراسة الضوء، على القدرات التسليحية لجماعة الحوثى، موضحة أنها تشمل ترسانة الصواريخ ومراكز إطلاقها، مشيرة إلى أنه عقب مقتل جماعة الحوثي الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في 2017 ورثت الجماعة ترسانة التسليح العسكرية للجيش اليمني، بما في ذلك مستودعات الصواريخ، لكنها لم تتمكن في البداية من التعامل مع مخزون الجيش اليمني من الصواريخ، ومن ثم لجأت إلى استقطاب قيادات عسكرية ذوي الخبرة لمعرفة مستودعات الصواريخ في البلاد ومواقعها ونوع الوقود، إلى جانب ما تتلقاه الجماعة من دعم إيراني تمثل في استقدام خبراء إيرانيين من حزب الله، لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الصواريخ وتفكيكها وتجميعها وتطويرها، كما قدموا للجماعة صواريخ إيرانية مطورة من أنواع صينية وروسية عبر التهريب أو التسليم الجوي عقب سيطرة الحوثي على العاصمة صنعاء في عام 2014.

    مراكز إطلاق الصواريخ

    وفى سياق متصل، أوضح تقرير صادر عن وكالة "شيبا انتلجنس" في يناير 2024 أن جماعة الحوثي تمتلك مراكز إطلاق صواريخ مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بها مستودعات صواريخ مؤقتة ضمن جغرافية معقدة، وأن لديها مخازن وممرات تكتيكية يمكن للجماعة من خلالها نقل الصواريخ من المستودعات الاستراتيجية في إب وذمار وصنعاء وعمران وصعدة والبيضاء إلى مراكز الإطلاق، كما أوضح التقرير أن الجماعة قامت بتفعيل مراكز إطلاق جديدة، هي المركز الأول، إطلاق الصواريخ باتجاه البحر الأحمر غرابا وشمالا لا يزال يقع مركز للسفن على طول ساحل البحر الأحمر وجزره، وخاصة موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى واللحية وجزيرة كمران، في محافظتي الحديدة وحجة، كما إنها تضم مخزًنا مؤقًتا للصواريخ في بعض المناطق مثل مركز عبس والشعفار في حجة والقناوص والزيدية والدهي وباجل والدريهمي في الحديد، كما يعد مركز إطلاق الصواريخ نقطة الانطلاق الرئيسية للصواريخ التي استهدفت تل أبيب، ولقد استعد الحوثيون في الآونة الأخيرة لبناء مستودعات صواريخ احتياطية في المحافظات الجبلية المتاخمة لساحل البحر الأحمر، مثل حجة وريمة والمحويت وصعدة، ويتم نقل الصواريخ من مستودعاتها الاستراتيجية إلى مراكز الإطلاق .
    كما يمتلك الحوثيون مركز الإطلاق الثاني للصواريخ جنوبي البحر الأحمر، وتحديًدا في جبال منطقة العماكي والمطار القديم في محافظة تعز، ويطل على المخا وباب المندب وجزيرة ميون.

    وتعد التمركزات العسكرية في محافظتي إب وذمار مستودعات استراتيجية وتكتيكية، يمكنها ضمان وصول الصواريخ إلى مركز الإطالق في الوقت المناسب.

    أما المركز الثالث فهو إطلاق الصواريخ باتجاه خليج عدن، وُتعد مرتفعات مكيراس بمحافظة البيضاء من أهم مراكز إطلاق الصواريخ حيث تطل على خليج عدن بمسافة جوية تصل إلى 70 كيلو متًرا تقريًبا. ويمكن لهذا المركز أن يهدد الممرات الملاحية في خليج عدن.
    والمركز الرابع هو مديرية الحزم بمحافظة الجوف، حيث تم تفعيل مراكز إطلاق الصواريخ في مدينة الحزم عاصمة منطقة الجوف الواقعة على الحدود مع السعودية. ومن مركز الجوف، أصابت صواريخ الحوثي مدينة مأرب ومنشآت سعودية وإماراتية. كما حاولوا استهداف ميناء إيلات الإسرائيلي رغم طول المسافة التي تتجاوز الألف كيلو متر، وتعد الجوف مركز إطلاق صواريخ ومخزن صواريخ تكتيكية.

    الطائرات غير المأهولة

    وأشارت الدراسة أيضا إلى أن ترسانة التسليح الحوثي تضم طائرات غير مأهولة (الدرونز) ذات مهام استطلاعية وهجومية، يتوفر لديها
    نظام تحديد المواقع العالمي GPS وتتوجه بشكل مستقل ومباشر نحو أهدافها ، ومن أبرزها درون "قاصف1-" وهي مزودة برأس حربي في مقدمتها، والطائرة الموجهة عن بعد "راصد"، ويستخدمها الحوثيون في مهام المراقبة والاستطلاع، وطائرة الاستطلاع المسيرة "رقيب" وكذلك "هدهد1ـ " و"صماد"، التي صممت لمهام الاستطلاع، لكن الحوثيين استخدموها مفخخة في عدة هجمات. كما تمتلك الجماعة درون "صماد 3" الانتحارية التي يمتد مداها من 1200 إلى 1500كيلومتر ويمكن تجهيزها بنحو 18 كيلو جراًما من المتفجرات، إلى جانب درون "وعيد" المشابهة لدرون "شاهد 136" الإيرانية، ويصل مداها إلى نحو 2500 كيلو متر .
    وأيضا تمتلك جماعة الحوثي قوارب غير مأهولة تحمل متفجرات ذي أحجام صغيرةُ، تمثل تحدًيا لقوات المراقبة المنتشرة في البحر الأحمر، لا سيما عند باب المندب؛ نظًرا لصعوبة كشفها وتحديد مساراتها.

    مناطق سيطرة الحوثى باليمن

    ولا يمكن النظر إلى تطوير تكتيكات القتال لتلك الجماعة بمعزل عن خريطة سيطرتها على أجزاء من الأراضى اليمنية .

    فى هذا السياق، أشارت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، مناطق سيطرة جماعة الحوثي في اليمن، ومناطق تمركزها العسكري، حيث تسيطر جماعة الحوثي على صنعاء وأمانة العاصمة وعمران وذمار والبيضاء وإب وريمة والمحويت، وعمران، كما تسيطر على معظم مساحات محافظة صعدة وحجة شمال غرب والجوف، كما تسيطر الجماعة على أغلب مساحات محافظة الحديدة التي تشمل معظم الساحل اليمني المطل على البحر الأحمر، وتضم موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، والتي يمر من خلالها حوالي 70% من واردات البلد والمساعدات الخارجية، ليبلغ إجمالي حجم الأراضي اليمنية الخاضعة للسيطرة الحوثية نحو 22.8% من إجمالي مساحة الأراضي اليمنية حتى ديسمبر .

    ولكون الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تسيطر على أجزاء من محافظة تعز المطلة على مضيق باب المندب، فضلا عن وقوع الساحل اليمني الممتد لخليج عدن تحت سيطرتها، يتعين على القوات البحرية الحوثية من أجل فرض نفوذها جنوًبا إما المجازفة بالإبحار عبر المضيق الخاضع للمراقبة والذي يضم تمركزات عسكرية أجنبية، أو استخدام السفن الإيرانية المتمركزة في البحر الأحمر وخليج عدن باعتبارها الداعم للجماعة.



    مصادر 24 قارئ إخباري مستقل حيث والمواد الواردة فيه لا تعبر عن رأي الموقع ولا يتحمل اي مسؤولية قانونية عنها  
    جميع الحقوق محفوظة لدى مصادر 24