• اخبار محلية

    اخبار اليمن مليشيا الحوثي تختلق حاضنتها الشعبية بالقوة بدليل هذه المؤشرات


    804 قراءه

    2023-06-05 09:33:42

    السعار المتوحش الذي وصلت إليه سلطات مليشيا الحوثي مؤخراً ضد القطاع الخاص في صنعاء ومناطق سيطرتها يعيد إلى الأذهان سلوك الجماعة الناعم أثناء استعدادها للانقلاب على السلطة عام 2014.

    لم يكن للمليشيا الحوثية أن تحظى بالقبول لدى الناس بدون ذلك السلوك الناعم الذي تمثل في مساعدة المسافرين على الطرق التي تتواجد فيها دورياتها ومقاتلوها بذريعة تأمين الطريق للمنتمين إليها، وقد استمر ذلك السلوك حتى دخول ممثلين عنها في مؤتمر الحوار الوطني. وعندما أعلنت الجماعة تبنيها لمطالب تخفيض سعر الوقود وتشكيل حكومة بديلة لحكومة باسندوة، ظن المواطنون أن لدى الجماعة مشروعا وطنيا ستقدمه لإنقاذ اليمن من الخلافات التي كانت تعصف بالقوى والأحزاب الوطنية بعد احتجاجات 2011 ضد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.

    استفادت المليشيا الحوثية من تلك الخلافات واستغلت لحظة تاريخية كانت فيها اليمن في أحلك ظروفها، وبدلاً من الإسهام في إنقاذ الموقف الحرج وتقريب وجهات النظر باعتبارها جماعة صاعدة ومستجدة في المشهد السياسي، انقضّت الجماعة على السلطة في سبتمبر 2014، وأسقطت العاصمة صنعاء بقوة السلاح. لقد كانت تخطط لمشروعها السلالي من أجل استعادة حكم البلاد كما جرت عليه عادة أسلافها من الأئمة الذين حكموا اليمن بالبطش والاستبداد والاستحواذ على ثرواته الطبيعية والتعامل مع المواطنين كرعايا مستعبدين أو أجراء للعمل لصالح الإمام وسلطته، لكن كيف عادت الإمامة في غفلة من الزمن؟

    بعد أكثر من خمسين سنة من ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أسقطت آخر نظام إمامي حكم اليمن، اعتقد اليمنيون أن النزعة الإمامية والطموح التسلطي قد ذاب لدى جميع العائلات الهاشمية وأن أحفاد الأئمة قد أصبحوا منصهرين في إطار النظام الجمهوري الذي أزال الفوارق بين اليمنيين خاصة تلك التي كان الهاشميون يتمسكون بها لتفضيل أنفسهم في الحكم على بقية اليمنيين كونهم من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم. لكن الحركة الحوثية لم تدخر جهداً في إقصاء القوى السياسية مستغلة حالة الفرقة التي عصفت بقادة البلاد ولم تتورع عن التهام العاصمة وإرسال مقاتليها للسيطرة على المحافظات تحت شعار "الصرخة" وشعارات وطنية وقومية أثبتت الأيام أن الجماعة استخدمتها لإخفاء مشروعها السلالي والاستبدادي فقط. ثم استغلت التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لتحشيد المزيد من المقاتلين وابتزاز مشايخ القبائل لتجنيد أبنائهم وأبناء قبائلهم في صفوفها.

    ابتزاز مشايخ القبائل ووجهاء المجتمع، ومحاولة المليشيا سحب أسلحتهم هو أحد المؤشرات على عدم وجود حاضنة شعبية لهذه الجماعة التي باغتت اليمن على حين غفلة وفُرقة، كما يدل على عدم شعورها بالأمان في ظل انفرادها بالسلطة واستنزاف الموارد الطبيعية والبشرية. وبعد أن كانت تتقرب من المواطنين عن طريق مناهضة فساد السلطة الحاكمة أصبحت السلطة في يد المليشيا وأصبحت تمارس الفساد بقوة السلاح وتسيئ استخدام السلطة لقمع المعارضين لفسادها وسلوكها المليشاوي في الحكم. 

    خلال تسع سنوات من حكمها لغالبية محافظات شمال اليمن كرست سلطات المليشيا الحوثية نظام الجبايات ضد المواطنين ورجال الأعمال ولم يسلم منها حتى الباعة في المفارش المتنقلة على جنبات الشوارع. وسائل جباية تعددت مسمياتها وممارسات قمعية يرتكبها مشرفو الجماعة ومقاتلوها أينما حلوا وأينما وجدوا بقية من نخوة وكرامة لدى اليمنيين تعارض تسلّطهم، الأمر الذي حقن المواطنين في مناطق سيطرتهم بمشاعر عدائية نحو الجماعة بصورة عامة. 

    ولكي تشرعن لسلوكها المليشاوي في الحكم أخذت الجماعة في تعديل القوانين بما يتناسب مع توجهاتها للسيطرة على المجتمع الذي لم يعد راغباً بوجودها بعدما تكشّفت أهدافها ومشروعها المتعارض مع كل الثوابت الوطنية المكتسبة عبر عقود من النضال وتأسيس دولة المواطنة المتساوية.

    مؤشر آخر على عدم اطمئنان المليشيا الحوثية لوجود حاضنة شعبية لها، وهو إصرارها على إقامة الدورات الصيفية لطلاب وطالبات المدارس، وتلقينهم الأفكار التي تجعل منهم جنوداً للمشروع السلالي في الحكم والسيطرة الروحية على المجتمع. وللسيطرة على الجهاز الإداري للدولة في مناطق حكمها، عمدت الجماعة لإصدار مدونة سلوك وظيفي تضمن ولاء موظفي الدولة لسلطة آل البيت كما تضمن موافقتهم على أي عقوبات ضد المعارضين لهذه السياسة.

    تدرك جماعة الحوثي أنها ليست أكثر من مليشيا تستقوي بكونها ذراعاً مخلصاً لإيران التي تدعمها دبلوماسياً وتزودها بالسلاح وبخبراء تصنيعه، كما تستقوي باستعدادها لاستخدام أكثر الأسلحة فتكاً بطريقة منفلتة لا تراعي فيها القوانين الدولية والأعراف الاجتماعية والإنسانية، لذلك تتمسك بهذه النزعة الاستقوائية والمنفلتة لكي تضمن بقاءها بأمان في مناطق سيطرتها. كما أنها تراهن في استمرارها على هذا النهج الاستعلائي على الانقسام السائد في صفوف خصومها وعلى تقديم نفسها كحارس للإسلام بالوراثة وتتعامل مع معارضيها كمرتدّين خارجين عن الملّة.



    مصادر 24 قارئ إخباري مستقل حيث والمواد الواردة فيه لا تعبر عن رأي الموقع ولا يتحمل اي مسؤولية قانونية عنها  
    جميع الحقوق محفوظة لدى مصادر 24