• اخبار محلية

    اخبار اليمن بعد التعثر المؤقت لخطة فك الارتباط بين الجنوب والشمال.. تطورات الأوضاع في اليمن إلى أين؟


    804 قراءه

    2023-05-26 13:42:31

    نستطيع القول أن خطة المجلس الانتقالي وداعمه الإماراتي التي كانت ترتب بشكل مكثف وظاهر لإعلان فك الارتباط بين الجنوب والشمال واستعادة الدولة الجنوبية في ذكرى عيد الوحدة لهذا العام 2023 قد تعثرت وتجمدت (ولن نقول فشلت أو انتهت)، وذلك بعد أن تفاجأوا بردة الفعل الشعبية اليمنية على اختلاف أسبابها (بما في ذلك مواقف الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية)، وكذلك التأيدات الدولية التي برزت بوضوح للوحدة اليمنية، ولكل طرف منها أهدافه التي يبتغيها..

    نقول بعد كل ذلك يبدو أن الأوضاع في اليمن ستتجه صوب أحد خيارين:

    الخيار الأول: سوف يتمثل في بقاء الأوضاع في اليمن في حالة (اللاحرب واللاسلم) التي تعيش فيها منذ عدة أشهر، وهو وضع لا تقل أضراره على الوطن والمواطن اليمني عن حالة الحرب نفسها، كون كل حقوق المواطن اليمني التي سلبت منه في سنوات الحرب ستظل على وضعها وسيصعب إعادتها من جديد في مثل ذلك الوضع الشاذ.. طبعا لن يدخل في ذلك الشق الخارجي لحرب اليمن التي قد حسم الاتفاق بخصوص وقفها، فلا قصف خارجي في اليمن ولا قصف يمني خارجها، حتى إن تطلب السيناريو بقاء التهديدات والاستعراضات الإعلامية المتبادلة، وذلك في انتظار تكثيف الجهود التي تمكن الأطراف الأقوى على الأرض من معالجة المواقف التي اعترضت طريق سير مخطط فك الارتباط بين الجنوب والشمال، سواء الثابت من تلك المواقف أو ما طرأ منها بسبب تعارض المصالح هنا أو هناك.

    الخيار الثاني: سيتمثل بالذهاب بالأوضاع اليمنية صوب الحل الفيدرالي، وغالبا لن يمثل ذلك حلا دائما ولكن وضعا مؤقتا  ينتهي باستفتاء على بقائه أو العودة لما كانت عليه اليمن قبل إعادة تحقيق الوحدة الأخيرة عام 90م، وذلك سيتم كهروب مؤقت أيضا للخروج من حالة اللاحرب واللاسلم المشار إليها خوفا من فقدان جميع الأطراف قدرتها على التحكم بتذمرات الشارع اليمني التي لم تعد تخفى على الجميع وبرزت مقدمات لها في أكثر من موقف ومكان.

    لكن قبل الذهاب صوب هذا الخيار سيبقى الخلاف محتدما بخصوص عدد الأقاليم التي ستتكون منها الدولة الفيدرالية اليمنية في وضعها الجديد أو لنقل المرحلي والمؤقت، وسينقسم ذلك الخلاف بين اتجاهين:

    الاتجاه الأول: هو ما يفضله المجلس الانتقالي مدعوما بحليفه الإماراتي متمثلا بفيدرالية الإقليمين، لأنه سيمكنهم من الهيمنة على كل المحافظات الجنوبية باعتبارهم رأس السلطة في الإقليم الجنوبي، إلى جانب أنه سيجعل بمقدورهم ترتيب الأوضاع من أجل انفصال الإقليم الجنوبي مستقبلا في دولة مستقلة كخيار لا يخفونه، سواء عبر الاستفتاء المنتظر أو  الترصد لبروز أي حدث داخلي أو خارجي يمكنهم اقتناصه لفعل ذلك.. والأمر نفسه يجد قبولا لدى الحوثي وحليفه الإيراني لأنه سيمكنه من فرض هيمنته على كل المحافظات الشمالية، وسيساعده حصر الشمال في إقليم واحد من فعل ذلك على اعتبار أن أهم السلطات في هذا الإقليم إن لم يكن أكثرها ستؤول إليه.

    الاتجاه الثاني: هو خيار الأقاليم المتعددة، حيث يتمثل العائق الرئيسي أمام فيدرالية الإقليمين بالموقف المتصلب للعديد من النخب الحضرمية والمدعوم سعوديا حتى الآن، والذي يرفض أن يكون الجنوب إقليما واحدا ولكن إقليمين؛ أحدهما يشمل غرب الجنوب ومركزه عدن، والثاني يشمل شرق الجنوب ومركزه حضرموت.

    طبعا اعتماد خيار الإقليمين في الجنوب سينعكس أيضا على تعدد الأقاليم في الشمال، وهو خيار تؤيدة القوى الشمالية المختلفة مع الحوثي والمتخوفة من إقصائه لها، لأن وجود أكثر من إقليم في الشمال سيمكنها من تقليل الهيمنة الحوثية التي ستتركز بشكل رئيس على الإقليم الذي سيتخذ من صنعاء مركزا له، سواء تم تقسيم الشمال إلى إقليمين أسوة بالجنوب أو زاد عددها إلى ثلاثة تلبية لبعض الرغبات الجهوية والمذهبية أو حتى بلغ أربعة أقاليم وفقا لمخرجات الحوار الوطني.

    لذلك فالخلاف المتوقع اندلاعه بين خيار فيدرالية الإقليمين وخيار فيدرالية الأقاليم المتعددة (وهو خلاف صار قائما على الأرض في واقع الحال) قد يدفع بالأمور صوب تفضيل القوى الداعمة لخيار الإقليمين للدفع بإبقاء الوضع في اليمن في حالة (اللاحرب واللاسلم) إلى أن يتمكنوا من ترتيب أوراقهم أو يستطيعون أقناع السعودية لإيقاف مساندتها للموقف الحضرمي والعمل على خلخلته مقابل ضمان مصالحها في الإقليمين الشمالي والجنوبي ومن بعدهما في الدولتين الشطريتين في حال تم استعادتهما على حساب تفكيك الدولة اليمنية الفيدرالية، وذلك جنبا إلى جنب مع المصالح الإماراتية والإيرانية وغيرها من مصالح الدول الإقليمية ومن ورائها مصالح القوى الدولية التي تقف من خلف الجميع.. وإذا تراجع الموقف الحضرمي أو حتى ضعف سوف يؤثر ذلك على مواقف بقية القوى الشمالية الداعمة لخيار الأقاليم المتعددة خصوصا أن أكثرها يرتبط أيضا بالموقف السعودي بشكل أو بآخر.

    الخلاصة: الأوضاع على الساحة اليمنية غالبا ستشهد غموضا  ملحوظا في قادم الأيام، وستنتقل تحركات الأطراف الداخلية والخارجية بشقيها الإقليمي والدولي في معظمها إلى تحت الطاولة بحثا عن مخرج يحقق أهداف القوى المتنفذة وترضى عنه بقية القوى بالإجبار أو بتحقيق بعض مصالحها، مع استمرار التحرك المعلن من فوق الطاولة للتغطية على ما يجري تحتها.

     وإن كنا نأمل هنا أن يكون الحل المتوافق عليه فيه رضا لكل الأطراف المتصارعة حتى لا يكون مجرد هدنة ينبثق عنها صراعا جديدا، وهو ما حدث في مرات سابقة يعلمها الجميع.. ولن يكون ذلك إلا بحل يضمن حقوق أبناء الشعب اليمني وواجباتهم بكل مكوناتهم السياسية والجهوية والمذهبية والفئوية من سقطرى إلى صعدة، في إطار من العدالة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون على الجميع دون انتقاء أو استثناء، مع تصحيح كل الاختلالات والمظلوميات المتراكمة بما يمنع إعادة انتاجها من جديد.

    نوضح أخيرا أننا هنا نحاول فقط قراءة المشهد كما هو أو كما نتوقع أن تتطور أحداثه لتلمس الطريق الذي ستسير عليه الأوضاع في المدى المنظور، ولسنا في وارد تحديد مواقف لا مع هذا الطرف أو ذاك، وإن كنا لا نخفي مواقفنا التي نرى أن فيها الحل،  فقد صرحنا بها في أكثر من موقف ودراسة ومقال وندوة منذ العام 1993 حتى اليوم، ونعلنها بشكل واضح لا لبس فيه بأن الدولة العادلة والضامنة لكل حقوق مواطنيها وواجباتهم هي الضالة المفقودة التي ننشدها مع كل أبناء الشعب اليمني، لأنها هي من ستنهي كثير من صراعاتتا السابقة والحالية بل وستمنع بدرجة كبيرة إعادة انتاجها من جديد كما سبق القول.



    مصادر 24 قارئ إخباري مستقل حيث والمواد الواردة فيه لا تعبر عن رأي الموقع ولا يتحمل اي مسؤولية قانونية عنها  
    جميع الحقوق محفوظة لدى مصادر 24